عمير
البلد : مصر عدد المساهمات : 5 تاريخ التسجيل : 16/07/2010 العمر : 49 الموقع : https://star-ten.alafdal.net/
| موضوع: رمضان شهر الفرج الأحد يوليو 18, 2010 4:03 am | |
| رمضان شهر الفرج الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. أما بعد فإن الفرح والسرور مطلب مُلِحُّ ، وغاية مبتغاة ، وهدف منشود ، والناس كل الناس يسعى إلى فرح قلبه ، وزوال همّه وغمّه ، وتفرق أحزانه وآلامه . ولكن قَلَّ من يصل إلى الفرح الحقيقي ، ويحصل على السعادة العظمى ، وينجو من الآلام والأتراح . والحديث في الأسطر التالية حول معنى الفرح ، وأسبابه ، وموانعه ... وبعد ذلك نصل إلى معنى الفرح في الصيام ، وكيفية كون هذا الشهر الكريم شهر الفرح . أيها الصائم الكريم : الفرح لذة تقع في القلب بإدراك المحبوب ، ونيل المشتهى ؛ فيتولد من إدراكه حالةٌ تسمى الفرح والسرور . كما أن الحزن والغم من فقد المحبوب ؛ فإذا فقده تولد من فقده حالة تسمى الحزن والغم . والفرح أعلى نعيم القلب ولذته وبهجته ؛ فالفرح والسرور نعيمه ، والهم والغم عذابه . والفرح بالشيء فوق الرضا به ؛ فإن الرضا طمأنينة وسكون وانشراح ، والفرح لذة وبهجة وسرور ؛ فكل فرح راضٍ ، وليس كل راضٍ فرحاً . ولهذا كان الفرح ضد الحزن ، والرضا ضد السخط ، والحزن يؤلم صاحبه ، والسخط لا يؤلمه إلا إذا كان مع العجز عن الانتقام . ولقد جاء الفرح في القرآن على نوعين : مطلق ،ومقيد ..... فالمطلق جاء في الذم كقوله تعالى :" لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ " وقوله تعالى" إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ " والفرح المقيد نوعان - أيضاً - مقيد بالدينا ينسى فضل الله ومنته وهو مذموم كقوله تعالى :"حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ "
والثاني : فرح مقيد بفضل الله ورحمته وهو نوعان أيضاً ... فضل ورحمة بالسبب ... وفضل بالمسبب ، فالأول كقوله تعالى :" قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " والثاني كقوله تعالى : "ِ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه " ولقد ذكر الله - سبحانه - الأمر بالفرح بفضله ورحمته ، عقيب قوله : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ " ولا شيء أحق أن يفرح به العبد من فضل الله ورحمته التي تتضمن الموعظة وشفاء الصدور من أدوائها بالهدى والرحمة ؛ الهدي الذي يتضمن ثلج الصدور باليقين ، وطمأنينة القلب به ، وسكون النفس إليه ، وحياة الروح به . الرحمة التي تجلب لها كل خير ولذة ، وتدفع عنها كل شر وألم . والموعظة التي هي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب . وشفاء الصدور المتضمن لعافيتها من داء الجهل ، والظلمة ، والغي ، والسفه ، تلك الأدواء التي هي اشد ألماً لها من أدواء البدن . فالموعظة ، والشفاء ، والهدى ، والرحمة هي الفرح الحقيقي ، وهي أجلّ من يفرح به ؛ إذ هو خير ٌ مما يجمع الناس من أعراض الدنيا وزينتها ، فهذا هو الذي ينبغي أن يفرح به ، ومن فرح به فقد فرح بأجل مفروح به ، لا ما يجمع أهل الدنيا فيها ؛ فإنه ليس بموضع للفرح ؛ لأنه عرضة للآفات ، وشيك الزوال ، وخيم العاقبة ، وهو طيف خيال زار الصبَّ في المنام ، ثم انقضى المنام وولى الطيف ، وأعقب مزاره الهجران . فالدنيا لا تتخلص أفراحها من أتراحها ، وأحزانها البتة ، بل ما من فرحة إلا ومعها طرحة سابقة ، أو مقارنة ، أو لاحقة . ولا تتجرد الفرحة ، بل لابد من طرحة تقارنها ، ولكن قد تقوى الفرحة على الحزن ، فينغمز حكمه وألمه مع وجودها وبالعكس . فالفرح بالله ورسوله ، وبالإيمان ، وبالقرآن ، وبالسنة ، وبالعلم من أعلى مقامات العارفين ، وأرفع منازل السائرين ، وضد هذا الفرح الحزن الذي أعظم أسبابه الجهل ، وأعظمه الجهل بالله ، وبأمره ، ونهيه ؛ والعلم يوجب نوراً ، وأنساً ، وضده يوجب ظلمه ويوقع فيه وحشة . ومن أسباب الحزن تفرق الهم عن الله ؛ فذلك مادة حزنه كما أن جميعة القلب على الله مادة فرحه ونعيمه ، ففي القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته ، وصدق معاملته ، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه ، والفرار منه إليه ، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه ، وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه طلب شديد لا يقف دون أن يكون وحده مطلوب ، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ، ودوام ذكره ، وصدق الإخلاص له ، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تُسدَّ تلك الفاقة منه أبداً . هذا هو الفرح الحق ، وهذا هو فرح أهل الإيمان لا فرح أهل الأشر والبطر والطغيان . هذا وإن للصائمين من هذا الفرح نصيبا غير منقوص ، كيف وقد قال النبي في الحديث المتفق عليه " وللصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه " قال ابن رجب - رحمه الله - : أما فرحة الصائم عند فطره فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ، ومشرب ، ومنكح ؛ فإذا امتنعت من ذلك في وقت من الأوقات ، ثم أبيح لها في وقت آخر فرحت بإباحة ما منعت منه ، خصوصاً عند اشتداد الحاجة إليه ؛ فإن النفوس تفرح بذلك طبعاً ؛ فإن كان ذلك محبوباً لله كان محبوباً شرعاً . والصائم عند فطره كذلك ؛ كما أن الله - تعالى - حرم على الصائم في نهار الصيام تناول هذه الشهوات فقد أذن له فيها في ليل الصيام ، بل أحب منه المبادرة إلى تناولها من أول الليل وآخره ؛ فأحب عباد الله إليه أعجلهم فطراً ، والله وملائكته يصلون على المتسحرين ؛ فالصائم ترك شهواته في النهار تقرباً إلى الله ، وطاعة له ، وبادر إليها بالليل تقرباً إلى الله وطاعة له ، فما تركها إلا بأمر ربه ، ولا عاد إليها إلا بأمر ربه ، فهو مطيع في الحالين ؛ ولهذا نُهِيَ عن الوصال ، فإذا بادر الصائم إلى الفطر تقرباً إلى مولاه ، وأكل وشرب وحمد الله ؛ فإنه ترجى له المغفرة ، أو بلوغ الرضوان بذلك الى أن قال رحمه الله : " ثم إن ربما استجيب دعاؤه عند فطره " . وعن ابن ماجة : " إن للصائم عند فطره دعوةً لا تُرد " . وإن نوى بأكله وشربه تقوية بدنه على القيام والصيام كان مثاباًَ على ذلك ، كما أنه إذا نوى بنومه في الليل والنهار التقوي على العمل كان نومه عبادة . ومن فهم هذا الذي أشرنا إليه لم يتوقف في معنى فرحه عند فطره ؛ فإن فطره على الوجه المشار إليه من فضل الله ورحمته ويدخل في قوله تعالى : "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " وقال ابن رجب رحمه الله : " وأما فرحه عند لقاء ربه ففيما يجده عند الله من ثواب الصيام مدخراً ؛ فيجده أحوج ما كان إليه " كما قال تعالى :" وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " وقال تعالى :" يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَاد " قال تعالى :" فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ " اللهم أفرح قلوبنا بالإيمان ، والقرآن ، والسنة ، والعلم ، والصيام ....وصلي الله وسلم علي نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .... -=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=- | |
|
بسمة الجنة
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 13 تاريخ التسجيل : 26/06/2010 العمر : 32 الموقع : http://bassma15.ahlamountada.com
| موضوع: رد: رمضان شهر الفرج الأحد أغسطس 22, 2010 11:14 am | |
| ج ــــــــــــزاكـ الله كل خير | |
|